بسم الله الرحمن الرحيم

القربى 

للكتب المسموعة

تعليق الموقع على كتاب الإمام الصادق والمذاهب الأربعة للأستاذ المحقق أسد حيدر

 

 

أخي المستمع أختي المستمعة !

 أحد الأسباب التي جعلتني أُسرِع الى تسجيل هذا الكتاب القَيِّم  هو أنك لا تكادُ تجد صورة لمؤلف الكتاب الشيخ المحقق أسد حيدر رحمه الله.
فهو من العلماء المظلومين في أوساطنا فلا يُسمَعُ له ذكر في منابرنا ولا في القنوات الفضائية ولا في الحوزة العلمية اللهم إلا النزر القليل وهذا لا يتناسب مع ما بذله المؤلف من مجهود أفنى عمره في سبيله.

أما ما يخص الكتاب فهو عمل جبار ولا يستطيع أحد مثلي أن يُثَمِّنَ هذا العمل وهذا المجهود الفكري ولكن أُحب أن أذكر كلمات من مقدمة الدكتور حامد حفني داوود  رحمه الله حول الكتاب حيث يقول: 

 منذ أكثر من عشرين عاما استرعى التفاتي - وأنا أبحث في تاريخ التشريع الإسلامي والعلوم الدينية - الإمام جعفر الصادق سليل البيت النبوي الكريم ، وما كان له من شخصية عظمة في الفقه الإسلامي ، ومنزلة لا تجارى في عالم الفكر العربي ، وفي الجانب الروحي بصفة خاصة فوضعت في ذلك الوقت بحثا تناولت فيه جوانب من سيرته وعلمه ، ومنهجه الفكري والفقهي ، واستغرق ذلك مني قرابة ثمانين صفحة ثم عرضت الفكرة على أستاذنا المرحوم عبد الوهاب عزام وهو من النفر القليل المشهود لهم في نظري بالقدرة على الجمع بين أخلاق القدماء ومناهج المحدثين ولكن الأستاذ الوقور لم يكد يسمع بعنوان البحث حتى علت وجهه السمح بسمة خفيفة ، فهمت منها كل شئ . . .
فهمت أن هذه الشخصية - على الرغم مما تمثله من مكانة عظيمة - هي مما يهم علماء الشيعة أكثر مما يهم علماء السنة ، ولو كان ذلك البحث في مجال الجامعة ، التي يحب أن تكون أرحب صدرا مما تدعو إليه الطائفية المذهبية من تخصص ، أو تفرضه البيئة من مخططات محدودة ضيقة في مجال الفكر .

خامرتني هذه الفكرة أمدا طويلا ، وكدت أن أعيش فيها وأخرج بها إلى الناس في كتاب خاص ، أرادت أن يكون عنوانه ( جعفر الصادق ) : إمام العلماء الربانيين وأول المبعوثين من المجددين )

وعلى الرغم من كثرة ما كتبت وما حصلت من مراجع حول هذه الشخصية العظيمة منذ عام 1943 - فإن الدوافع البيئية والوجدانية لمن يعيشون حولي كانت تردني إلى الوراء وتحملني على اليأس أكثر مما تحملني على الكتابة والانطلاق في الموضوع .

وقد ضاعف من الزهد في إتمام ما بدأت ما قرأته من أبحاث مهلهلة هنا وهناك حول شخصية هذا الإمام ، فطويت صحافي وتركت الكتابة ، وتأبيت على التعليق والرد .

 

ولكن يأبى الله سبحانه إلا أن يظل الحق حقا ، وأن تكون قوته فوق طاقات الزمان وحواجز المكان وهكذا بعد عشرين عاما قضت أثر انقطاعي عن الكتابة حول هذه الشخصية الفذة ، تخللتها ألوان من التخطيط المنهجي ، وصور من الكتابات التي لا تقوم على أساس علمي ، طالعتنا الأقدار التي تأبى إلى أن تضع الحق في نصابه بمن يميط اللثام عن وجه الحق سافرا ، ويحمل السحب على الانقشاع بعد الذي طال من تلبد كان هذا الفتح الجديد في دراسة الإمام منذ عشرة أعوام حين خرج إلينا الباحث الأديب والعالم العراقي الحصيف الأستاذ أسد حيدر بالجزء الأول من كتابه ( الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ) والذي ثم نشره على ما يبدو في مقدمة الطبعة الأولى سنة 1375 ه‍ـ 1956 م ، فكان هذا الكتاب الجامع إيذانا بإنهاء مرحلة التخطيط حول سيرة الإمام الصادق ، كما كان نقطة الانطلاق التي عرفنا من وراثها الكثير عن تاريخ ( المذهب الجعفري ) ، وما بينه من المذاهب الفقهية الأربعة من صلات وروابط يجهلها الكثيرون من علماء هذه الأمة على الرغم مما حصلوه من ثقافات تاريخية وفقهية وفلسفية .
وأول ما يسترعي التفاتنا من هذا السفر الضخم شموله وسعة آفاقه واستيعاب أكثر جوانب هذه الشخصية العظيمة ، ولعل ذلك راجع إلى سعة اطلاع المؤلف ، فلا يكاد يرى رأيا لصاحب رأي حول شخصية الإمام إلا وأتى به ، ولا قضية تتصل بالموضوع من قريب أو بعيد إلا وساقها وناقشها في أسلوب أدبي أقرب ما يكون إلى الموضوعية والنهج الفني وأبعد ما يكون عن التحيز المسف والتعصب الأعمى .


وفي كتاب المؤلف واسترسالاته التحليلية حول هذا الموضوع - نلمس اتزان العالم الحصيف حين يهرع إلى كلمة ويفر بنفسه عن كل ما يشوه هذه الكلمة وإن من يقرأ صدر الجزء الأول من كتابه : ( الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ) يقف على عجالة دقيقة في الخلافة الإسلامية أرسلها المؤلف واضحة المعالم سافرة الأركان ، يقرأها القارئ فيخيل إليه أنه يعيش في هذه الحقبة من التاريخ إن هذا الأسلوب العلمي في علاج التاريخ الإسلامي خليق بأن ينال النقاد الحظوة من التقدير ، وخليق بأن يكون أساسا لما بعده من مؤلفات إننا في حاجة إلى دراسة التاريخ دراسة علمية ، وفي حاجة أشد إلى دراسة المذاهب السياسية والفقهية في صورة أعمق مما وصل في أيدينا لنقول للمحق أحققت وللمخطئ أخطأت ، وتشتد حاجتنا إلى هذه الدراسة حين نعلم عن يقين لا يقبل الشك والقدر الذي لعبته السياسة الأموية والسياسة العباسية في تصوير المذاهب الفقهية ، وحين نعلم عن يقين لا يقبل الشك مدى ما أصاب الشيعة من عنت ، واضطهاد في ظل هاتين الأسرتين الحاكمتين خلال ثمانية قرون كاملة. إنتهى المقطع من تعليق الدكتور حامد حفني داوود
وفي الختام أهدي هذا التسجيل الصوتي للكتاب الى جميع المستبصرين الذين تتشيعوا وتركوا مذاهبهم الأربعة ودخلوا مذهب الإمام الصادق عليه السلام متحدين جميع المصاعب والمصائب التي يواجهونها حتى من أقرب الناس إليهم وأسألهم الدعاء بأن يوفقني الله لتسجيل أكبر عدد من أجزاء الكتاب.

 

 ونسألكُمُ الدُعاءَ وقِراءَةَ سورةِ الفاتِحَةِ لمؤلّفِ الكتابِ الأستاذ المحقق أسد حيدر طيَّبَ اللهُ ثراه مَسبوقَةً بالصلاة على مُحمدٍ وآلِ مُحمد.

 

.
FaceBook  Twitter

 

backtohome